شهد التوسع في قطاع الطاقة المتجددة الأردني تسارعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مع ما يقارب 1000 ميغاواط من مشاريع الطاقة الشمسية والرياح التي يجري تنفيذها حالياً.
وهذه التطورات لا شك تتوافق مع الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة بنسبة 10 % بحلول العام 2020، أي بما يعادل قدرة توليد تصل إلى 1500 ميغاواط تقريباً.
إعطاء الضوء الأخضر
لقد أصبح تطوير مصادر الطاقة المتجددة أمراً حاسماً بالنسبة للأردن في السنوات الأخيرة، وذلك في ضوء أن واردات الوقود ودعومات الكهرباء قادت إلى تكبد "شركة الكهرباء الوطنية"، المملوكة للدولة، خسائر مالية ضخمة.
وبواقع الحال، استورد الأردن تاريخياً حوالي 97 % من احتياجاته من الطاقة بتكلفة تقرب الـ18 % من ناتجه المحلي الإجمالي، وفقا للأرقام الصادرة عن وزارة الطاقة والثروة المعدنية.
ويعتبر مشروع "الممر الأخضر" دليلاً رئيسياً وواقعياً على الجهود التي تبذلها المملكة، والذي يهدف إلى تخفيف الاعتماد على المواد الهيدروكربونية من خلال زيادة قدرة المملكة على استيعاب الأحمال الناتجة عن قدرة الطاقة المتجددة الجديدة المستخرجة من الرياح والطاقة الشمسية.
وتنطوي التطويرات والتحديثات أيضاً على إنشاء خطين جديدين للنقل -خط من 400 كيلوفولت يمتد على مسافة 150 كم، والآخر من 132 كيلوفولت بطول 51 كم، وهذا إلى جانب التطويرات التي أجريت على ثلاثة خطوط موجودة أساساً بقدرة 132 كيلوفولت تمتد على مسافة 100 كم.
وبالإضافة إلى ما سبق، سيتم تشييد محطة كهرباء فرعية بقوة 1200 ميغافولت/أمبير في شمال معان، في حين سيتم توسيع المحطات الواقعة في القطرانة ومطار الملكة علياء الدولي، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية.
وعلاوة على ذلك، فقد تم منح مشروع العام الماضي متعدد المصادر، بتكلفة 159 دولار، مجموعة من التمويلات الرئيسية.
ويشترك في تمويل المشروع كل من وكالة التنمية الفرنسية، التي قدمت قرضاً ميسراً من 54,9 مليون دولار؛ وبنك الاستثمار الأوروبي، الذي قدم 72 مليون دولار لتمويله؛ وشركة الكهرباء الوطنية، التي ساهمت بـ12.6 مليون دولار من جهتها؛ ومرفق استثمار الجوار التابع للاتحاد الأوروبي، التي قدم منحة بمبلغ 20.2 مليون دولار لتمويله.
وفي حين أن طرح العطاء لبدء عمليات الإنشاء تأخر في بداية العام، ما يزال من المقرر انهاء المشروع في العام 2018.
الإمكانات الكهروضوئية
صُممت استثمارات "الممر الأخضر" خصيصاً لتعزيز شبكة الكهرباء الوطنية في الصحارى الواقعة وسط المملكة، والتي تعتبر مثالية لاستخدام مولدات الطاقة الشمسية.
وتشاهد الطاقة الشمسية في الأردن كخيار مستدام لأمن الطاقة الوطني على المدى الطويل، لاسيما وأن المملكة تتمتع تقريباً بـ330 يوما مشمسا في العام الواحد. ووفقاً لسامر زوايدة، مستشار الهندسة الأردني، ها هو الجزء الأكبر من مزارع الطاقة الشمسية الضوئية قيد الإنشاء في الوقت الراهن، ويبلغ مجموع قدرتها حوالي 200 ميغاواط فيما تتواجد داخل وحول معان، ويأتي معظم الاستهلاك لإنتاجها من العاصمة عمان.
وتقع محطة طاقة "شمس معان" بقدرة كهروضوئية شمسية من 52,5 ميغاواط بالقرب من معان هي الأخرى، وسوف تكون أكبر مرافق الطاقة الضوئية الشمسية في المملكة عند إفتتاحها في وقت لاحق من العام الحالي. وفي شهر نيسان (إبريل) الماضي، تم تدشين مشروع طاقة رياح بتكلفة 148 مليون دولار أيضاً في معان، ومن المتوقع أن يتمتع بقدرة توليد تنهاز الـ200 جيجاواط/ساعة سنوياً، وفقا لتقارير الصحف المحلية.
مشاريع الطاقة الشمسية
بغية إطلاق العنان لإمكانات الطاقة المتجددة في المملكة، وقعت الحكومة عدداً من صفقات مشاريع الطاقة الشمسية والرياح في شهر حزيران (يونيو) من العام الماضي، والتي ينبغي لها أن تبدأ مزاولة أعمالها بحلول العام 2018.
وعلى هذا الصعيد، أخبر المتحدث باسم وزارة الطاقة والثروة المعدنية، حيدر قماز، وسائل الإعلام المحلية العام الماضي أنه: "بحلول العام 2018، سوف تصل الكهرباء المولدة عبر الطاقة المتجددة إلى 1000 ميغاواط تقريباً".
والأهم من ذلك كله، أن هذه المبادرات فتحت الأبواب أمام الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة المتجددة الأردني. ففي شهر كانون الثاني (يناير)، أعلن مُطور لمصادر الطاقة متجددة –يتخذ من أبو ظبي مقراً له، ويعرف بأنه مملوك بالكامل لشركة "مبادلة للتنمية"- أنه قد وقع اتفاقاً لاستثمار مبلغ 300 مليون دولار في مشروع للطاقة الشمسية بقدرة 200 ميغاواط، وهو ثاني مشروع طاقة متجددة للشركة في الأردن.
ووفقاً للرئيس التنفيذي لشركة "مصدر"، أحمد بالهول، فقد جعلت ديناميات الأسعار المتغيرة مشاريع الطاقة المتجددة واعدة أكثر من غيرها.
وكان بالهول صرح لوسائل الإعلام في وقت سابق من العام الجاري بأن: "أسعار الطاقة الشمسية الكهروضوئية انخفضت بحوالي60 إلى70 % في السنوات الست الماضية، (بينما) انخفضت أسعار مشاريع طاقة الرياح أيضاً. ومع تغيير السياسات الحكومية، تصبح الحالة الاقتصادية لمصادر الطاقة المتجددة واضحة جدا".
وفاز لاعب آخر من أبو ظبي، وهو "إنفايرومينا باور سيستمز"، بصفقة مشتركة من 128 مليون دولار مع مجموعة "تسك" الهندسية الإسبانية، في كانون الأول (ديسمبر)، لإنشاء محطة طاقة كهروضوئية شمسية بقدرة 103ميغاواط في القويرة الواقعة في جنوب الأردن.
ويراد من تطوير محطة القويرة، التي تمولها وزارة الطاقة والثروة المعدنية من خلال منحة مقدمة من صندوق أبو ظبي للتنمية، مساعدة المملكة على تحقيق هدفها المتمثل في 600 ميغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الريح في نهاية العام الحالي.
ووفقاً لرئيس "انفيرومينا" التنفيذي، سامي خوريبي، تُحفز أسعار الطاقة الأخفض حالياً الاستثمار الإقليمي في مصادر الطاقة المتجددة.
وكان قد صرح للإعلام الدولي في شهر كانون الثاني (يناير) من العام بأن: "هناك زيادة ضخمة في منشآت الطاقة الشمسية عبر الشرق الأوسط. وسوف يشهد العام الجاري عقوداً أكثر بـ10 مرات مما شهده العام الماضي".